responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 401
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ أَظْلَمُ) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ أَيْ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ (مِمَّنِ افْتَرى) أَيِ اخْتَلَقَ (عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) يُرِيدُ الْقُرْآنَ وَالْمُعْجِزَاتِ. (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) قِيلَ: معناه في الدنيا، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ:" وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً" عَلَى مَعْنَى وَاذْكُرْ" يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ". وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ، فَلَا يُوقَفُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ عَلَى قَوْلِهِ: (الظَّالِمُونَ) لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ. وَقِيلَ: هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ (انْظُرْ) أَيِ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ، أَيْ كَيْفَ يَكْذِبُونَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ؟. (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) سُؤَالُ إِفْضَاحٍ لَا إِفْصَاحٍ [1]. (الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أَيْ فِي أَنَّهُمْ شُفَعَاءُ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بِزَعْمِكُمْ، وَأَنَّهَا تُقَرِّبُكُمْ مِنْهُ زُلْفَى، وَهَذَا تَوْبِيخٌ لَهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلُّ زَعْمٍ فِي القرآن فهو كذب.

[سورة الأنعام (6): آية 23]
ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ) الْفِتْنَةُ الِاخْتِبَارُ أَيْ لَمْ يَكُنْ جَوَابُهُمْ حِينَ اخْتُبِرُوا بِهَذَا السُّؤَالِ، وَرَأَوُا الْحَقَائِقَ، وَارْتَفَعَتِ الدَّوَاعِي [2]. (إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) تَبْرَءُوا مِنَ الشِّرْكِ وَانْتَفَوْا مِنْهُ لِمَا رَأَوْا مِنْ تَجَاوُزِهِ وَمَغْفِرَتِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْفِرُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَهْلِ الْإِخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ، وَلَا يَتَعَاظَمُ عَلَيْهِ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، فَإِذَا رَأَى الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ، قَالُوا إِنَّ رَبَّنَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ فَتَعَالَوْا نَقُولُ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ذُنُوبٍ وَلَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَمَا إِذْ كَتَمُوا الشِّرْكَ فَاخْتِمُوا عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَيُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَعْرِفُ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً [3]] النساء: 42]. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ: تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ لَطِيفٌ جِدًّا، أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَصَصِ الْمُشْرِكِينَ وَافْتِتَانِهِمْ بِشِرْكِهِمْ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ فِتْنَتَهُمْ لَمْ تَكُنْ حِينَ رَأَوْا الْحَقَائِقَ إِلَّا أَنِ انْتَفَوْا مِنَ الشِّرْكِ، وَنَظِيرُ هَذَا فِي اللُّغَةِ أَنْ تَرَى إِنْسَانًا يُحِبُّ غَاوِيًا فَإِذَا وَقَعَ

[1] في ك: لا إيضاح.
[2] في هـ وب وج وع: الدعاوى.
[3] راجع ج 5 ص 198.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست